نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
الإيصال البنكي في ميزان القضاء: دليل أم قرينة, اليوم الأحد 1 يونيو 2025 02:45 صباحاً
نشر بوساطة محمد بن عبد المجيد الآبادي في الوطن يوم 31 - 05 - 2025
في ظل انتشار التعاملات المالية بين الأفراد وسهولة التحويل البنكي عبر التطبيقات المصرفية، برز تساؤل جوهري في أروقة المحاكم وبين أفراد المجتمع: هل يُعد إيصال التحويل البنكي دليلاً كافياً لإثبات وجود قرض بين طرفين؟
من الناحية القانونية، لا يُعد التحويل البنكي في حد ذاته دليلاً قاطعاً على وجود قرض، إذ لا يُفصح الإيصال عن سبب التحويل أو طبيعته. فقد يكون المبلغ المحول هبة، أو سداداً لدَين سابق، أو مساهمة مالية، أو قرضاً، ولا يمكن الجزم بذلك من خلال الإيصال وحده.
وتُعد هذه المسألة خاضعة لمبادئ الإثبات المقررة في النظام السعودي، حيث نصت المادة الثالثة من نظام الإثبات الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/43) بتاريخ 1443/5/26ه على أن:
«البينة على من ادعى، واليمين على من أنكر».
وهي قاعدة أساسية توجب على من يدّعي أمراً خلاف الظاهر أن يُقيم الدليل عليه.
وبالتالي، فإن من يدّعي أن المبلغ المحول هو قرض، فإن عبء الإثبات يقع عليه، ويجب عليه تقديم دليل صريح أو قرائن معتبرة تؤيد دعواه، كوجود عقد مكتوب، أو رسائل ومحادثات توضح نية الإقراض، أو شهود، أو قرائن قوية يمكن أن تبني قناعة قضائية.
وقد شهد القضاء السعودي العديد من الدعاوى التي رُفضت لعدم كفاية الإثبات، حيث اكتفى المدعي بتقديم إيصال تحويل بنكي دون ما يدل على أن المبلغ محول على سبيل القرض، لا سيما إذا أنكر المدعى عليه تلك الصفة أو ادعى أن المبلغ وصل إليه على سبيل التبرع أو المشاركة في مشروع.
ومن هنا، فإن التحويل البنكي يُعد دليلاً على وقوع واقعة مالية، لكنه لا يُحدد طبيعتها القانونية ما لم يُعزز بدليل أو اتفاق. ولهذا، فإن من أهم التوصيات العملية في المعاملات المالية بين الأفراد، خاصة في حالات الإقراض، توثيق الاتفاقات بصورة واضحة ومكتوبة، سواء أكانت على شكل عقود، أو رسائل مثبتة، أو شهود، وذلك لضمان استرجاع الحق عند النزاع.
فالحق الذي لا يُوثق قد يتعذر المطالبة به، والاحتياط في هذا الباب واجب شرعاً ونظاماً، في ظل تطور وسائل الإثبات وحرص الأنظمة السعودية على حماية التعاملات المالية من النزاع والادعاء غير المؤيد بالبينة.
وعليه، فإن إيصال التحويل البنكي لا يُعد في ذاته دليلاً كافياً على وجود قرض، ما لم يُقترن بوسائل إثبات أخرى تثبت القصد والغرض من التحويل. ومن يدّعي القرض فعليه أن يُثبت.
انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.
0 تعليق