نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
«يساهم» أم «يُسهم»؟!, اليوم الجمعة 30 مايو 2025 01:30 صباحاً
نشر بوساطة نجوى الكحلوت في الرياض يوم 29 - 05 - 2025
يحتدم الجدل بين اللغويين حول استخدام الفعل «يُساهم»، حيث يتعنت بعضهم في منع استعماله للدلالة على المشاركة أو الإسهام الإيجابي، ويقصرونه على معنى «المقارنة والمقارعة»، مستدلين بأصول الفعل في المعاجم القديمة، والتي تُشير إلى المساهمة بمعنى المساهمة في القتال أو المبارزة، كما في «ساهمه فساهمه» أي قارعه أو نازله في أمرٍ ما.
لكن هذا الرأي -وإن استند إلى جذور لغوية قديمة- لا يلغي تطوّر اللغة وتوسع معاني الألفاظ بحسب الاستعمال، فاللغة كائن حيّ يتغيّر بحسب الزمن والسياق الاجتماعي. ومن هنا، فإن قصر «يساهم» على معنى واحد فيه تقييد غير مبرر لسياقات اللغة المعاصرة.
في المقابل، يرى بعض المحدثين والمهتمين بلغة الخطاب المعاصر أن الفعل «يساهم» قد اكتسب استعمالًا شائعًا بمعنى «يشارك»، ويستخدم في السياقات اليومية والإدارية والتربوية بهذا المعنى، كأن نقول: «ساهمت الدولة في دعم التعليم»، أو «ساهم الطالب في إثراء النقاش»، وهذه الاستخدامات مقبولة منطقيًا ودلاليًا لدى العامة والخاصة على حد سواء.
أما الفعل «يُسهم»، فغالبًا ما يُفضل اللغويون استعماله للدلالة على «الإدلاء بشيء نافع ومفيد»، فيقال: «أسهم الباحث بمعلومات قيمة»، أو «أُسهم في المشروع بمبلغ معين»، في حين يُستخدم «يساهم» للدلالة على «المشاركة المتبادلة»، كأن نقول: «يساهم الأفراد في حل الأزمة»، أي يشاركون جميعًا فيها.
وبناء على ذلك، يمكن النظر إلى أن الفرق الدلالي بين «يساهم» و»يُسهم» ليس حتميًا بل نسبيًا، ويُحدد بالسياق أكثر من إخضاعه لقواعد جامدة؛ ف»يساهم» لا تُخطّأ بالضرورة إن دلّت على المشاركة في عمل جماعي، كما أن "يُسهم" تُفضل عندما يراد بها إفادة مباشرة أو إدلاء بشيء معين.
وإنه لمن الحكمة أن نتعامل مع اللغة بمرونة تحترم أصولها، لكنها لا تعطل تطورها، فالفصاحة لا تعني التصلب، والبلاغة لا تتعارض مع التجديد. واستخدام «يساهم» بمعناها الشائع لا يُعد خطأ، ما دام السياق يدعم الفهم الصحيح.
انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.
0 تعليق