نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
الحج بلا تصريح: مخالفة للنظام وخروج على مقاصد الشريعة, اليوم الاثنين 26 مايو 2025 02:11 صباحاً
نشر بوساطة حمود بن فلاح العتيبي في الوطن يوم 25 - 05 - 2025
في كل موسم من مواسم الحج، تتجدد الأشواق في قلوب المسلمين من مشارق الأرض ومغاربها، لأداء الركن الخامس من أركان الإسلام.
وتسخّر المملكة العربية السعودية إمكاناتها كافة لتنظيم هذه الشعيرة العظيمة بما يحقق سلاسة الأداء وسلامة الحجيج. ومع هذه الجهود الجبارة، برزت في السنوات الأخيرة ظاهرة مقلقة تمثلت في إقدام بعض الأفراد على أداء الحج دون الحصول على تصريح رسمي، في مخالفة واضحة للأنظمة والتعليمات المنظمة لشؤون الحج.
إن الدافع إلى هذه المخالفة في الغالب ينبع من رغبة صادقة في أداء فريضة عظيمة، وقد يُبررها البعض بحسن النية أو ضيق الفرصة، إلا أن النوايا الحسنة لا تبرر الأفعال المخالفة إذا ترتب عليها ضرر محقق، سواء على الفرد أو على الحجيج عمومًا.
فالحج بلا تصريح لا يعد فقط مخالفة نظامية، بل هو خروج على مقاصد الشريعة التي جاءت لحفظ النفس والنظام وتحقيق المصلحة العامة.
إن اشتراط الحصول على تصريح لأداء الحج هو صورة معاصرة من تطبيق قاعدة شرعية معروفة في الفقه الإسلامي وهي «المصالح المرسلة»، والتي تجيز لولي الأمر وضع التنظيمات التي يتحقق بها نفع عام وتُدرأ بها المفاسد.
وقد قرر الفقهاء أن من أعظم مقاصد الشريعة حفظ النفس، وهو ما يتعرض للخطر عند مخالفة التنظيمات.
فالزحام الشديد ونقص الخدمات وصعوبة الوصول إلى الرعاية الطبية في حالات الطوارئ، كلها مخاطر حقيقية يترتب عليها ضرر متعدٍّ، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا ضرر ولا ضرار»، فكيف تكون عبادة الحج سببًا في الإضرار بالنفس أو بالغير؟
كما أن من يقدم على الحج دون تصريح، قد يُمنع من دخول المشاعر، أو يُجبر على الرجوع قبل إتمام المناسك، مما يُفقده الركن ويوقعه في الحرج الشرعي، فتتحول عبادته إلى مخاطرة غير محسوبة.
إن الحج المبرور – وهو ما يرجو المسلم نيله – لا يتحقق مع مخالفة النظام، بل يتحقق بالتزام السكينة والانضباط، واتباع الهدي الظاهر والباطن، والامتثال لأوامر ولي الأمر.
إن الاستطاعة – هي شرط من شروط وجوب الحج – لا تقتصر على الجانب المالي أو البدني، بل تشمل أيضًا القدرة النظامية (تصريح الحج)، فلا يعد الإنسان مستطيعًا إذا مُنع من الحج لأسباب تنظيمية وهي أخذ تصريح الحج، والصبر على ذلك من طاعة الله، بل إن العاجز عن الحج مع وجود النية الصادقة يؤجر بنيته، والله لا يكلف نفسًا إلا وسعها.
إننا بحاجة إلى تعزيز فقه المقاصد في وعي المسلمين، لا سيما في التعامل مع الأنظمة التي تسعى إلى خدمة الدين والناس، وتنظيم الشعائر بما يكفل الأمن والطمأنينة.
إن الحج مشروع ديني وتنظيمي وإنساني ضخم، تتكامل فيه جهود الدولة والمجتمع، وأداء هذه الفريضة خارج نطاق النظام لا يُعد شجاعة، ولا اجتهادًا محمودًا، بل هو تعدٍّ على المصالح العامة، واستهانة بتنظيمات شرعت لحماية أرواح الناس وخدمة دينهم.
فلنتقِ الله في أنفسنا ومجتمعنا، ولنحترم النظام الذي وُضع لصالحنا، ولنعلم أن الطريق إلى الحج لا يُعبد بالمخالفة، بل بالصبر والانقياد، وأن في الالتزام بالنظام بركة، وفي انتظار أخذ التصريح طاعة، والله لا يضيع أجر من أحسن النية.
انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.
0 تعليق