نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
تشكلات الزمن في الأعمال الروائية, اليوم الجمعة 9 مايو 2025 02:55 صباحاً
نشر بوساطة أمل الحربي في الرياض يوم 09 - 05 - 2025
إن الترتيب الزمني للنص الروائي الأدبي أحد أشكاله الجمالية والمحور الأساسي في تشكيل بنية النص الزمنية داخل الخطاب السردي وتجسيد أبعاده المتعددة، (إن قيمة الزمن تتمثل في إنه أعم وأشمل من المكان لعلاقته بالعالم الداخلي للانطباعات والانفعالات والأفكار التي لا يمكن أن نضفي عليها نظاماً مكانياً). هانز ميرهوف.
فهناك تلك اللحظة الزمنية الغارقة في أول كلمة تبدأ، وعندها يكون كل شيء قد انقضى، وتتركنا نتسأل هل كانت هذه النهاية؟ فالزمن هو بندول التسابق والتداخل لمدلولات النص من حيث الكتابة والقراءة والفترة المعنية بالحدث وهذا مظهره الخارجي، ويستطرد في الحدث ومدة الرواية وترتيب الأحداث وزمنها وهذا مظهره الداخلي.
إنه ينساب وينفلت ويخلق فجوات جمالية خيالية تتقاطع وتتحول في بنيته الدالة على التتابع الزمني للخطاب الروائي السردي. فهل الزمن حقيقة أم وهم ابتدعه الإنسان للهروب من واقعه والسكون إلى عوالم خلقها من نسج خياله وتحايله على مجريات الإحداث في دوامة حياته؟!
فكان شغل الإنسان الشاغل هذه التنقلات الزمنية التي يستطيع من خلالها التحكم بالحقائق وخلق دوامة تتعارض مع الزمن الواقعي هذا إن وجد؟!
إننا مفتونون بوهم المزامنة حيث يتأرجح العقل إلى الأمام والخلف في الزمن مع حركة اللغة، ومنها انبثق في الأدب لعبة حركة الرواية بين زمن الحكاية وزمن الخطاب، حيث تقودنا إلى ترك الفعل الروائي ونسج فضاء محمل بالمفاهيم والدلالات، فاختفى الترتيب الزمني المباشر وأصبح الكاتب يتنقل بين الماضي والحاضر وفق سرديات اللحظة الآنية وما تقتضيه من ضرورة، كما قال مندلاو: (الرواية تركيبة معقدة من قيم الزمن) .
إن تشكيلات بناء الزمن أكثر تعقيدًا مما نتصور، وذلك لأن الزمن يتشكل ويتحول في حالة الصيرورة والسيولة. وهنا تظهر براعة وقدرة الروائي على بناء الزمن الروائي باعتباره حركة داخل النص الذي
يتشكل ويتحول حسب الرؤيا والتتابع الزمني فيؤثر على العناصر البنائية الأخرى في النص وعندها يدرك الروائي أن الزمن المستقل مستحيل، وإنما وجوده الافتراضي ذاك السرد المرتبط بالحوادث والحكايا. وهنا يكمن دور الروائي الرائد في خلق الإحساس بالمدة الزمنية الروائية والواقع المتوهم، وليس تجسيد شكل الزمن الواقعي وصيرورته، وانما يأخذنا في أبعاد الزمن الروائية التاريخية والاجتماعية والسياسية والنفسية ويصعّد فكرته ورؤيته الجمالية في مسارات وقوالب تنبق من رحم الخيال والتجرد من وهم الزمن ويبني شخوص أبطاله ومجريات أحداثهم حيث يتوحد مع رواه ويعبر عنها.
وإذا كانت الرواية التقليدية تعتمد على تتابع الأحداث من خلال الزمن فإن الرواية الحديثة تشكل زمنها من خلال تداخل الأزمنة الداخلية وجدلها. حيث يمكن اشتراك النص في أكثر من تشكيل زمني واستمرار المقاطع الحكائية بالتقادم إلى الأمام وخلق دوامات دائرية تنطلق من خلال الأزمنة المتعددة بين الماضي والحاضر. ويلجأ الكاتب الروائي في نسج زمن الرواية إلى استخدام تقنيات الاسترجاع والاستباق والحذف والوقفة والتكرار دون الخضوع لتسلسل زمني معين.
الزمن يرتبط بالتاريخ، حيث إن التاريخ يمثل إسقاطات الخبرة البشرية على خطه الزمني ويصنع دوامات دائرية تتداخل من خلالها الأزمنة مع المكان والتاريخ. ومع الحراك الأدبي والروائي الحديث وسيولة الوقائع في مجريات الحياة، لم يعد الزمن بالنسبة للروائي وظيفة بنائية، بل تجاوز ذلك إلى التشكيل الزمني على المستوى الدلالي، وغاية الأمر من ذلك كله أن اختزال الزمن لتسريع حركة السرد هو وسيلة يلجأ إليها الروائي لتأسيس وعي وذائقة جمالية لدى القارئ وإحداث حالة من التوازن المثالي في النصوص الروائية.
انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.
0 تعليق