قوانين الفيزياء حين تنطق بالحكمة

سعورس 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
قوانين الفيزياء حين تنطق بالحكمة, اليوم السبت 26 أبريل 2025 06:05 مساءً

قوانين الفيزياء حين تنطق بالحكمة

نشر بوساطة عائشة علي في الوطن يوم 26 - 04 - 2025

1164204
قوانين الفيزياء ليست مجرّد معادلاتٍ جافّة أو مفاهيم علميّة تنحصر في المختبرات وقاعات الدرس، بل هي مرآة تنعكس فيها سنن الكون، ودستور يُجسّد بدقّةٍ متناهية جوهر الحياة وسيرورتها. وحين نُسلّط الضوء على هذه القوانين وننزع عنها ثوبها الأكاديمي، نكتشف فيها وجهاً آخر: وجهاً ينبض بالحكمة، ويزخر بالعقل، ويعلو بالفكر، بل ونجد فيها حلولاً تختصر علينا عناء البحث، وتُضيء لنا دروب الفهم في معترك الحياة.
تأمّل -على سبيل المثال- قانون نيوتن الأول للحركة، الذي ينصُّ على أنّ الجسم الساكن يظل ساكناً، والجسم المتحرّك يستمر في حركته بسرعة ثابتة ما لم تؤثّر فيه قوّة خارجيّة تغيّر من حالته.
هذا القانون الفيزيائي البسيط يُشبه إلى حدّ بعيد حال الإنسان. فالمرء إذا اعتاد نمطًا معيّنًا من الحياة، وسكنت روحه عند عتبةٍ من الرتابة، فإنه لن يتحرّك، لن يتغيّر، بل يظلّ راكداً في موضعه، ما لم يطرأ على حياته دافعٌ خارجيٌّ أو داخليّ يهزّه من جذوره، ويبعث فيه روح الحراك والتغيير.
والقوّة الدافعة -كما في الفيزياء- ليست واحدةً في شدّتها، بل تتفاوت بين الضعيفة والخفيفة، وبين الجارفة والعنيفة. كذلك هي دوافع الحياة: منها ما يطرق القلب طرقاً خفيفاً كمطرٍ ناعم، ومنها ما يعصف بالنفس عصف العواصف. وبحسب هذه القوّة، يتحدّد مدى التغيير، ويُقاس عمقه واتساعه. فالدافع القويّ يُحدث انقلاباً جذريًّا في النفس، ويجعل الإنسان يعيد ترتيب أولوياته، ويتخلّى عن السكون المقيت ليخطو نحو أفقٍ جديد من الإمكانات.
وهكذا، فإنّ قوانين الفيزياء لا تنفصل عن واقعنا كما قد نُخيّل، بل هي جزءٌ منّا، تسكن حركتنا، وتُفسّر سلوكنا، وتفتح لنا نوافذ لفهم الذات والوجود. هي أشبه بلغةٍ كونية، لا تفهمها العقول فحسب، بل تُصغي لها الأرواح، وتستنير بها القلوب.
فليتنا نتأمّل هذه القوانين لا كمعطيات علميّة باردة، بل كحكمٍ كونية ناطقة، تُعلمنا أن الحركة لا تنبع إلا من قوّة، وأنّ التغيير لا يكون إلا بدافع، وأنّ الركود هو عدو الحياة الأول. وليتنا نُدرك أن الفيزياء، حين تُقرأ بعين الفلسفة، تصبح فلسفة ذاتها، تُحدثنا عن الإنسان، وتُرينا كم أنَّ الكون منسجم في نظامه، حكيم في قانونه، بليغ في صمته.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.




إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق