نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي: الأمانة قصة الإنسان, اليوم الجمعة 25 أبريل 2025 01:54 صباحاًالأمانة قصة الإنسان نشر بوساطة سوسن العتيبي في الرياض يوم 24 - 04 - 2025 يُجمع عادة بين لحظة سجود الملائكة عليهم السلام لآدم عليه السلام، بصفته أبو البشر، وبين آية التكريم «ولقد كرّمنا بني آدم»، ثم تدمجان مع آية «إنّا عرضنا الأمانة». وهذا الربط هو حالة جمع بين استنباطات ومفهومات لكل آية على حدة، ثم إعادة تشكيل المعنى بالجمع التأليفيّ. ووقفة تعيد تحليل الدلالات، وفهم العلماء؛ ربما تجعلنا بحاجة لإعادة النظر في المجموع التأليفي. ومن ذلك ما قامت به عائشة بنت الشاطئ، حينما حللت الدلالات اللفظية، في ربط لها بما يرافق كل دلالة، مع استظهار المعاني القرآنية لهذه الدلالة في عدة مواضع، فالإنسان ورد في خمسة وستين موضعاً، وأول سورة نزلت في القرآن «إقرأ»؛ تضمنت المعالم العامة التي تندرج ضمنها آيات القرآن الحكيم عند ذكر الإنسان، بداية بأصل الإنسان (الخلق) من قِبل خالق عظيم سبحانه، ثم اختصاص بتعليم إلهي، ثم تذكير عند جحد الإيجاد بالحياة والإمداد والإعداد لها؛ بالعلم، لطغيان الإنسان إن نسي افتقاره وجوداً وإمداداً. فآيات التذكير بضعف الإنسان تأتي في حالات الانحراف والنكوص، في حين آيات التكريم والتعليم هي الأساس، ولغلبة جحد الإنسان، فقد غلب حضور الذم معه دلالة على الحال لا أصل الخلق. فالإنسان أصالة المتضمن للخصيصة الإنسانية الواجبة، المرقية لدرجة الإنسان بالقيم، والعمل لخلافة الأرض،وتحمل تبعات تكاليف حمل الأمانة. وإن شاع في الخطاب الفكري والتراث أن الإنسان حيوان ناطق، فإن بنت الشاطئ ترد لفظ «الناطق» اعتداداً بالاستعمال القرآني، وأنه لا يميز الإنسان، فالنطق مشترك لفظي مع الحيوان «منطق الطير»، في حين المميز الإنساني في القرآن هو «البيان»، فالإنسان حيوان مبيّن، إذ لم يستعمل لفظ البيان إلا في حق الإنسان، وحق الكتاب الذي أنزل على الإنسان، من معلّمه البيان سبحانه.وبعد التمهيد اللفظي تأتي قصة الإنسان من المُبتدأ إلى المنتهى، وفيها تحرير لمجال الأمانة، فقد نظرت بنت الشاطئ في الألفاظ الدالة، وربطت قصة الإنسان بالأمانة التي حملها، ناظرة إلى اللفظ المصاحب، ربطا بين الأمانة و»الحمل»؛ حمل فيه ثقل وعبء، أشفقت المخلوقات العظيمة منها، وحملها الإنسان. ولعلّ من اللطائف ما نستنتجه: بالعلم ظهر تكريم الإنسان على الملائكة، وبالأمانة ظهر امتيازه على الكائنات الأخرى، فلا أمانة بلا علم.ثم قرنت ربط التحمّل بالأمانة، وأن تفسيرات الأمانة الشائعة لا تتسق مع لفظ «تحمّل» في القرآن الكريم، بدلالتيه الحسية «حمل الطفل» و»حمل السفينة»، ودلالته المعنوية «ليحملوا أوزارهم»، قائلة: «لا يمكن أن يؤُول الحملُ في أي موضع منها، بالنكوص عن العبء أو خيانة المحمول والتخلي عنه!». أما وقد حمل الإنسانية فلا ينكص عنها، ولا ينكثها، ولكن يتحمّل تبعات هذا التحمّل، في حين أن الجبال مثلا والأرض إن أحدثت الكوارث بأمر ربها لا تتحمل تبعات ذلك من ضحايا، أمّا الإنسان فيتحمّل تبعات كلّ أفعاله وأقواله، ومن ذلك «الإيمان» فهو أيضاً أمانة.ويمكن توجيه قولها بيسر: إن الإنسان حمل الأمانة، وهو حمل مسؤوليته عن نفسه، وما ترتب على أثره، ولا يسلب منه الحمل، ولكنه عاجز عن حملها بحقها إلا بعون الله، وأساس الإنسانية الإيمان، والكفر والفساد طارئان، ومن ثمّ فالإصلاح والهداية أمانة متعدية، تأتي بعد الأمانة الأصلية «مسؤولية الذات»، فهناك نوعان من الأمانة:أمانة أصلية: أمانة الإنسان على ذاته، وما ترتب عليها من تصرفات.أمانة تابعة: أمانته على إصلاح غيره وما أفسد.فمن لم يتحمل أمانة ذاته لم يقم بحق الأمانة، ثم بعد ذلك يأتي تحمّل أمانة غيره.والتمييز بين هذه الدلالات ليس المقصد منه التعرّف، بل التمثّل بالامتثال لها، فيبدأ الإنسان برؤية نفسه مع «الأمانة»، حتى أمانته في محافظته على نفسه، وتزويدها بكل ما يصلحها ديناً ودنيا. انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.