الدكتور سلطان القاسمي يكـتب: فطنة زعاب سكان الجزيرة الحمراء
وتقع الجزيرة الحمراء على بعد 10 أميال جنوب غرب رأس الخيمة، ويبلغ محيطها أكثر من ميل تقريباً. ويبلغ عمق القناة في الاتجاه الشمالي الغربي حوالي 75 متراً وعرضها بين الجزر. وهو نفس العرض الذي يفصلها عن البحر، ويتجاوز العمق في ارتفاع الموج 7 أقدام، والعمق الطبيعي لهذا الجزء من الساحل هو 5 أقدام.
أما الجهة الجنوبية الشرقية حيث تفصلها القناة عن القارة فيقدر عرضها بحوالي ميل ولكن هناك جزء ثان يبرز من الأخير كلما اقتربنا مسافة 72 ميلاً من الجهة الشمالية للمدينة .
وفي اليوم الثالث من شهر ديسمبر عام 1819م، هاجمت القوات البريطانية رأس الخيمة ودمرتها بعد مقاومة استمرت 6 أيام، ثم انتقلت إلى الرمس وبدأت في تدمير حصونها وقلاعها وأبراجها، ثم انتقلت بعد ذلك إلى ضاية آل. الكباش.
وفي اليوم السادس عشر من شهر يناير عام 1820م، أُمر الملازم أول مهندس ميداني توماس بالتوجه إلى الجزيرة الحمراء على متن السفينة الحربية “سيجما W/T” التابعة لشركة الهند الشرقية، ووصلت هذه السفينة إلى الجزيرة الحمراء. نفس اليوم.
نزل الجنود على الجزيرة من الجهتين الشمالية والجنوبية، وحفروا الخنادق، حتى أنه عندما أعلن القائد الهجوم على البلدة، دخلها الجنود من الجانبين وشقوا طريقهم في الطرق الضيقة. ثم ركضت بعض الكلاب الضالة على هذه الطرق والتقت بالجنود فأطلقوا النار عليهم. فهربت إلى الجانب الآخر، وأطلق عليها الجنود هناك أيضاً النار، وكل جانب من الجنود يظن أن هناك مقاومة في المدينة. ويستمرون حتى يتقابلوا وجهاً لوجه، ويتبين لهم أن المدينة خالية من الناس، من كل ما فيها. جدران فارغة وكلاب ضالة.
وضحك الجنود على الذل الذي وقعوا فيه.
ماذا حدث؟
وعندما سمعت قبيلة زاب سكان الجزيرة الحمراء بما حدث لمدينة الرمس من هدم قلاعهم وأبراجهم وبعض بيوتهم قالوا: سيأتي دورنا، لذا قرروا ما يلي:
أخذوا زوجاتهم وأطفالهم من الجزيرة عبر المياه التي تفصل الجزيرة عن البر الرئيسي، وذلك عند انخفاض المد، عبر ممر استخدموه عندما احتاجوا إلى العبور إلى البر الرئيسي.
وأخذت نساء زعاب أبقارهن وأغنامهن حتى وصلن إلى خور المزاحمي الذي يبعد بضعة كيلومترات شمال الجزيرة الحمراء. هذا المكان، نهاية خور المزاحمي، كان مختبئاً خلف أشجار الغاف.
أما رجال قبيلة الزعاب فقد أحضروا زوارقهم من نوع الشواحف سهلة التجديف ووضعوا فيها أثاثهم وأمتعتهم ودواجنهم وعبروها باتجاه الشمال عند مدخل خور المزاحمي. . واختبأوا خلف أشجار الغاف، وأخذوا هذا الخور لمسافة عدة أمتار، وأفرغوا حمولتهم هناك.
أما الرجال الباقون فقد كانوا منشغلين بإزالة أبواب وإطارات كل منزل، تاركين المنازل خالية من أي أثر للحياة.
وعندما عادت هذه القوارب من خور المزاهمي، قام الرجال بتحميل جميع أبواب ونوافذ القوارب ونقلها على دفعات إلى خور المزاحمي، وبقيت الجزيرة الحمراء مدينة مهجورة لا تملك إلا الحرية. كلاب. طرق المدينة.
ولم يعود زاب إلى جزيرته الجزيرة الحمراء إلا بعد أن هدمت القوات البريطانية أبراج وحصون أم القيوين وعجمان والشارقة وأبو هيل.
وعندما ابتعدت القوات البريطانية عن الساحل العربي واتجهت نحو الساحل الفارسي، عادت قبيلة الزعاب إلى الجزيرة الحمراء وأعادت سكنها.