أخبار العالم

إسرائيل تقتل غزة.. وتذبح القانون الدولي

إنها حرب إبادة لا مثيل لها، تشنها إسرائيل بلا ضوابط أو حدود. وجاء ذلك بعد هجوم شنته الفصائل الفلسطينية بقيادة حركة حماس في مثل هذا اليوم من العام الماضي، ويدخل الآن عامه الثاني دون أي بصيص. نهايتها أو توقفها في الأفق. وكما كان الفلسطينيون ضحايا هذه الحرب المجنونة، فإن الضمير الإنساني كان ضحية أخرى، ويذبح كل يوم بسبب عجزه أو فشله في القيام بأي شيء. خلال 365 يوماً من المجازر المتواصلة بحق الفلسطينيين وتدمير منازلهم وممتلكاتهم وضرورياتهم الأساسية، تعرض المجتمع الدولي لـ«امتحان كاشف» كشف فيه عن عجزه الصارخ عن حماية المدنيين. فرضت قوانينها وقيمها، ولم تتحمل مسؤوليتها الأخلاقية والإنسانية والقانونية، وتعاملت مع… هذه الحرب الإجرامية بسياسة الكيل بمكيالين. ولأن هذه حرب مختلفة عن سابقاتها، فإن تداعياتها ستمتد على مدى عدة عقود. لقد أزالت أقنعة الدول الكبيرة التي طالما رفعت شعار العدالة واحترام حقوق الإنسان، لكنها في الواقع تخضعها لمعاييرها المزدوجة. . دماء أكثر من 140 ألف شهيد وجريح في غزة كشفت زيف مزاعمها التاريخية، وتركت إسرائيل تعيث فسادا في غزة، تارة بالقنابل والصواريخ والرصاص، وتارة بالتجويع والعطش ومنع الأدوية واستهداف المستشفيات والمرافق الحيوية. . وكانت النتيجة انتهاكات ودمار لا يوصف، أدى إلى الجنون.
خلال عام كامل من حرب الإبادة، بُذلت جهود دبلوماسية مكثفة، وتم الترويج لها على نطاق واسع بأنها ستؤدي إلى هدنة، وإطلاق سراح الرهائن والأسرى، والعودة إلى إعادة الإعمار، لكن هذه الجهود لم تنجح. ولم يتخلوا عن شيء، وتعرضوا للعرقلة والإحباط من الجانب الإسرائيلي المستفيد من الدعم الأميركي المزدوج، الحزبي والوسيط. وبعد أن امتدت هذه الحرب إلى لبنان وربما مناطق أخرى في الأيام المقبلة، احتدمت الإبادة الجماعية من جديد في غزة، وما حدث في جباليا ودير البلح عشية الذكرى السنوية الأولى يؤكد أن الجانب الإسرائيلي لم يتراجع عن جرائمه والتجاوزات التي طالت كل شيء وأجبرت أكثر من مليوني إنسان على العيش في ظروف قاسية جداً ناجمة عن المجازر والدمار والتهجير.
مع دخول حرب الإبادة الجماعية عامها الأول، يواصل الجيش الإسرائيلي هجماته الجوية والبرية العنيفة التي تستهدف منازل وتجمعات الفلسطينيين دون سابق إنذار في مناطق مختلفة من قطاع غزة، وذلك في إطار سياسة معروفة تهدف إلى جعلهم مخيرين بين الأمرين. خياران: القتل أو التهجير، وكلاهما يخدم المشروع الإسرائيلي الذي عادت حقيقته المعروفة منذ عقود إلى الظهور.
وسط هذا المشهد المظلم، لا يبدو أن هناك أي نقطة مضيئة تشير إلى الخروج من النفق، وهو ما يشير أيضا إلى أن ما حدث ويحدث، في ظل اختلال توازن القوى بين إسرائيل ومن تدعي قتالهم، يمكن أن يمنحها بعض النجاحات التكتيكية الكبرى. كما حدث مع الاغتيالات الأخيرة في غزة ولبنان، لكن هذه الانتصارات ستبقى مؤقتة ولن تغير الديناميكيات الاستراتيجية الأساسية للصراع في المنطقة، لأن التباهي بانتصارات صغيرة أدى في كثير من الأحيان إلى كارثة أكبر وخداع قاتل، كما يقول دروس التاريخ والتجربة، وما حدث خلال العام الماضي لن يكون استثناءً من هذه القاعدة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى